قـال رضـي الله تـعـالى عـنـه و أرضـاه : أرض بالدون وألزمه جداً حتى يبلغ الكتاب أجله فتنقل إلى الأعلى والأنفس، وبها تهنأ وفيه تبقى وتحفظ بلا عناء دنيا وأخرى ولا تبعة ولا عدوى، ثم تترقى من ذلك إلى ما هو أقر عيناً منه وأهنأ.
وأعلم أن القسم لا يفوتك بترك الطلب، وما ليس بقسم لا تناله بحرصك في الطلب والجد والاجتهاد، فاصبر وألزم الحال وأرض به، لا تأخذ بك حتى تؤمر، ولا تعطى بك حتى تؤمر، ولا تتحرك بك ولا تسكن بك، فتبتلى بك وبمن هو شر منك من الخلق لأنك بذلك تظلم والظالم لا يغفل عنه قال الله عزَّ وجلَّ : }وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً{.الأنعام129. لأنك في دار ملك عظيم أمره شديدة شوكته، كثير جنده نافذة مشيئته قاهر حكمه باق ملكه دائم سلطانه دقيق علمه بالغة حكمته عدل قضاؤه }لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ{.سبأ 3. لا يجاوزه ظلم ظالم فأنت أعظمهم ظلماً وأكبرهم جريمة، لأنك أشركت بتصرفك فيك وفى خلقه عزَّ وجلَّ بهواك. قال الله تعالى : }لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ{.لقمان13. وقال تعالى: }إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ{.النساء48_116. أتق الشرك جداً ولا تقربه، واجتنبه في حركاتك وسكناتك وليلك ونهارك، في خلوتك وجلوتك. وأحذر المعصية في الجملة في الجوارح والقلب واترك الإثم ما ظهر منه وما بطن. لا تهرب منه عزَّ وجلَّ فيدركك، ولا تنازعه في قضائه فيقصمك، وتتهمه في حكمه فيخذلك، ولا تغفل عنه فينبهك ويبتليك، ولا تحدث في داره حادثة فيهلكك، ولا تقل في دينه بهواك فيرديك ويظلم قلبك، ويسلب إيمانك ومعرفتك، ويسلط عليك شيطانك ونفسك وهواك وشهواتك وأهلك وجيرانك وأصحابك وأخلاءك وجميع خلقه حتى عقارب دارك وحياتها وجنها وبقية هوامها فينغص عيشك في الدنيا ويطيل عذابك في العقبى.