أحكام في الحضانة
الحضانة لغة مأخوذة من الحضن ، لان المربي يضم الصغير إلى حضنه، والحاضنة هي المربية ,وكذلك المرأة إذا ضمت ولدها.
والحضانة شرعاً أو عند الفقهاء هي القيام بحفظ الصغير ومن في حكمه وتعهده بما يصلحه وتربيته جسمياً ونفسياً وعقلياً ، كي يقوى على تحمل تبعات الحياة .
الحضانة حق للمحضون ( الصغير)
الحضانة بالنسبة للصغير واجبة على الحاضن لان تركه هملاً يؤدي إلى ضياعه وانحرافه ، ولما كانت الحضانة حق للطفل فإن الأم تجبر عليها إن هي تمنعت ولم يوجد للصغير من يرعاه ، كما هي حق للأم كذلك لقوله صلى الله عليه وسلم "أنت أحق به " .
الأم أحق بالولد من أبيه
من حسن تربية الطفل الصغير أن يشب في أحضان والديه لينال من الرعاية والعناية ما يحصنه من الضياع ، ويكفل له التربية الحسنة الصالحة بما يحفظ عليه بدنه وعقله ويزكي نفسه ويعده إعداداً صحيحاً للحياة .
فإذا حدث شقاق بين الزوجين أدى إلى الفرق بينهما بالطلاق أو غيره وبينهما أطفال ، فالأم في هذه الحالة أحق بالصفير من الأب ، مالم يقم بها مانع يمنع تقديمها ، أو بالولد وصف يقتضي تخييره .
** لماذا تقدم الأم على غيرها في ولاية الحضانة والرضاع ؟
وذلك لأنها هي الأقدر على الصبر على تربية الصغير وتعهده بالرعاية والعناية ولديها من الوقت والصبر ما ليس عند الرجل ومن ثم تكون هي الاقدر على تحقيق المقاصد الشرعية للحضانة .
فغن عبد الله بن عمر أن امرأة قالت : يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء ، وحجري له حواء ، وثديي له سقاء ، وزعم أبوه أنه ينزعه مني ، فقال "أنت أحق به مالم تنكحي " أي مالم تتزوجي غيره .
ترتيب أصحاب الحقوق بالحضانة
الحضانة للام ابتداء وتقدم قرابة الأم على قرابة الأب ، فإذا وجد مانع بالأم تنتقل الحضانة لام الأم (الجدة لام ) وإن علت ، فإن لم توجد أو وجد مانع انتقلت إلى أم الأب ثم الأخت الشقية .... الخ .
شروط الحضانة أو موانعها
يشترط في الحاضن / الحاضنة التي تتولى شئون الصغير الكفاءة والقدرة التي تمكنها من القيام بهذه المهمة خير قيام مجموعة من الشروط فإن لم تتوفر منا سقطت عنها الحق في الحضانة وهي :ـ
العقل ، البلوغ ، الاستقامة ،الإسلام ، ألا تتزوج بأجنبي عن المحضون ، الأمانة والخلق ، الحرية .
أجرة الحضانة
إذا كانت الحاضنة زوجة أو معتدة فلا تستحق أجرة رضاع ولا تسحق أجرة حضانة لقوله تعالى ( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف )البفرة223.
أما بعد انقضاء العدة فإنها تستحق الأجرة عن الرضاع والحضانة لقوله سبحانه وتعالى( فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وآتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى )الطلاق 6. وغير ألام تستحق أجر حضانة .
كما تجب على الأب باقي أنواع النفقة من مسكن وخادم إن كان الأب موسراً وجرى به العرف وكذلك نفقات الصغير الأساسية من طعام وكساء وفراش وعلاج هذه النفقات واجبة كالدين على الأب لا تسقط عنه إلا بالادعاء أو الإبراء .
التبرع بالحضانة
إذا رفضت الأم حضانة الصغير إلا بأجر وتبرعت بحضانته واحدة من أقربائه صالحة ، فإذا كان الأب موسراً أجبر على دفع أجرة للام فهي مقدمة على المتبرعة لمصلحة الصغير ، وإن كان الأب معسراً يسلم الصغير للمتبرعة .
انتهاء الحضانة
تنتهي الحضانة إذا استغنى الصغير عن خدمة النساء وأصبح يستطيع الاعتماد على نفسه ويقوم وحده بحاجاته الأولية بأن يأكل ويلبس وينظف نفسه بنفسه .
وعلية يكون الطفل من يوم مولده غالى بلوغه السابعة بيد أمة لأنها الأجدر على خدمته وحفظه القيام على رعايته فذا بلغ السابعة انتقلت حضانته لأبيه فإن تنازعا فالخيار للصغير بين البقاء لدى أمه أو الانتقال لأبيه . وبذلك قضى عمر وعلي رضي الله عنهما ، وروى الترمذي وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال جاءت امرأة على النبي صلى الله عليه وسلم فقالت أن زوجي يريد أن يذهب بابني فقال :ياغلام ! هذا أبوك وهذه أمك ، فخذ بيد أيهما شئت ، فأخذ بيد أمه فانطلقت به فدل هذا الحديث على أن الابن إذا استغني بنفسه يخير بين الأبوين فإذا اختار احدهما فله ولا يمنع الحاضن الصغير عن الزيارة حتى لا يعتاد قطيعة الرحم .
فإذا كان الصغير أنثي بلغت سبع سنين (عند الحنابلة وتسع عند الأحناف) فإنها تكون عند آبيها لأنه أحق بولايتها إلى أن تتزوج ، فإذا كان الأب عاجزاً عن حفظ البت أو متشاغلاً أو قليل الدين فتبقى عند الأم الصالحة .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (إذا قُدر أن الأب تزوج بضرة، وهو يتركها عند ضرة أمها ، لا تعمل مصلحتها، بل تؤذيها وتقصر في مصلحتها ، وأمها تعمل مصلحتها ولا يؤذيها فالحضانة هنا للام قطعا) .
تم بحمد الله وتوفيقه ،،
والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل
المراجع فقه السنة للشيخ سيد سابق .
الملخص الفقهي للشيخ محمد بن صالح الفوزان.
الروض المربع للبهوتي .